على المرآة بعض غبار
و فوق المخدع البالي ، روائح نوم
و مصباح.. صغير النار
و كلّ ملامح الغرفة
كما كانت ، مساء القبلة الأولى
و حتّى الثوب ، حتّى الثوب
و كنت بحافّة المخدع
تردّين انبثاقة نهدك المترع
وراء الثوب
و كنت ترين في عيني حديثا.. كان مجهولا
و تبتسمين في طيبة
و كان وداع
جمعت اللّيل في سمتي
و لفّقت الوجوم الرحب في صمتي
و في صوتي
و قلت.. وداع
و أقسم ، لم أكن صادق
و كان خداع
و لكنّي قرأت رواية عن شاعر عاشق
أذلّته عشيقته ، فقال.. وداع
و لكن أنت صدقت
و جاء مساء
و كنت عل الطريق الملتوي أمشي
و قريتنا.. بحضن المغرب الشفقي
رؤى أفق
مخادع التلوين و النقش
تنام على مشارفها ظلال نخيل
و مئذنة.. تلوّي ظلّها في صفحة الترعه
رؤى مسحورة تمشي
و كنت أرى عناق الزهر للزهر
و أسمع غمغمات الطير للطير
و أصوات البهائم تختفي في مدخل القرية
و في روائح خصب
عبير عناق
و رغبة كائنين اثنين أن يلدا
و نازعني إليك حنين
و ناداني إلى عشّك
إلى عشّي
طريق ضمّ أقدامي ثلاث سنين
و مصباح ينوّر بابك المغلق
و صفصافه
على شبّاكك الحرّان هفهافه
و لكنّي ذكرت حكاية الأمس
سمعت الريح يجهشّ في ذرى الصفصاف
يقول.. وداع
ملاكي! طيري الغائب
حزمت متاعي الخاوي إلى اللّقمة
وفت سنيني العشرين في دربك
و حنّ عليّ ملّاح ، و قال.. أركب
فألقيت المتاع ، و نمت في المركب
و سبعة أبحر بيني و بين الدار
أواجه ليلي القاسي بلا حبّ
و أحسد من لهم أحباب
و أمضي.. في فراغ ، بارد ، مهجور
غريب في بلاد تأكل الغرباء
و ذات مساء
و عمر وداعنا عامان
طرقت نوادي الأصحاب ، لم أعثر على صاحب
و عدت.. تدعني الأبواب ، و البوّاب ، و الحاجب
يدحرجني امتداد طريق
طريق مقفر شاحب
لآخر مقفر شاحب
تقوم على يديه قصور
و كان الحائط العملاق يسحقني
و يخنقني
و في عيني... سؤال طاف يستجدي
خيال صديق
تراب صديق
و يصرخ.. إنّني وحدي
و يا مصباح! مثلك ساهر وحدي
و بعت صديقتي.. بوداع
ملاكي! طيري الغائب
تعالي.. قد نجوع هنا
و لكنّا هنا اثنان
و نعرى في الشتاء هنا
و لكنّا هنا اثنان
تعالي يا طعام العمر
ودفء العمر
تعالي لي