أدافع عن حرفٍ ليس لي
أدافع عن نونٍ لها مالها
وعن جيمٍ تقود طفولتي
نحو فراتٍ من السكاكين
وعن شين مقدّسةٍ من تراب
أخذوا النونَ واستووا عليها
فكانت لهم مركباً طيّباً
ولي سندباد خوفٍ ونارٍ وموجٍ وتيه
وأخذوا الجيم
واغتالوا شبابها في توابيت من خمر
وتوابيت تنضحُ ماءً
يمرّ من تحت قدميّ المذعورتين
وأخذوا الشين
صارت بأيديهم أساطير من ذهب
ودَوَلاً من سوادٍ وخوف
وتبادلوا الدورَ مع مَن حُمِلَ رأسي إليه
فقالوا وهم يذرفون الدموع
باسمكَ أيّها الرأس المثقل بالأسى والحروف
نؤسسُ مملكةً للحتوف
سنرقصُ فيها على الطبل
ونترككَ في عطشٍ ترتجف
في جلالٍ ونورٍ تموت
كيف لي أن أدافع عن حرفٍ ليس لي
ونخلةٍ لم أعد أجلس تحت سعفاتها؟
كيف لي أن أدافع
عن زمنٍ أزرق له عريه الذهبيّ
وناره السوداء؟
عن زمنٍ ليس يعرفني
ليس يعرف أحداً أبداً؟
كيف لي أن أدافع
عن ملحمةٍ لها شاعرها الذكيّ الدعيّ
وكتابٍ له مؤلفه اللوذعيّ ؟
أدافع؟
كيف أدافع عن أبجديتي
وأنا الذي رماني السحرةُ بلوحٍ من النار
ورماني الغجرُ بحجارةٍ من سجّيل
ورماني الرماةُ بسهمٍ من الحقد؟
كيف لي
بعد هذا جميعاً
أن أدافع عن حرفي
وأمنحه ماءَ قلبي وشمسَ كينونتي؟