في الشارعِ المليء بالعماراتِ العالية
هبطَ الطائرُ العملاق
هبطَ حتّى مسّ الأرضَ فهربَ الجمهور
هبطَ وسط دوّامةٍ من الريح
كان قويّاً
يطيرُ بلونٍ أسود
يطيرُ بجناحين ثابتين من الحديد
صرخَ الجمهورُ وولّى بعيداً
لكنّي اقتربتُ من الطائر
- كنتُ صبيّاً بمعنى الكلمة -
لأمسك بيدٍ واحدةٍ بجناح الطائر
فارتفعَ بي قليلاً
لأسقط، من ثمّ، على الأرض
وسط ضحكاتِ الجمهور
ها أنذا أعود إلى المكان ذاته
الشارعِ المليء بالعماراتِ العالية
لم أجد الطائرَ العملاق
لم أجد حتّى اسمَ الطائر
لم أجد الجمهور
لم أجد حتّى
ذلك الصبيّ الذي هو أنا
فارتسمَ خيط من الأسى
على وجهي
وخيط من الدهشة
وأنا أرفع يدي
- مثلما فعلتُ قبل نصف قرن
لأمسك بجناحِ الطائر
الطائر الذي أعلمُ علمَ اليقين
أنْ لا وجود له أبداً