حين تدحرجَ الرأسُ المثقلُ بشهوةِ الدم
ودخانِ الحروب
على الأرض
قالت الأرض: ما أكرمكَ مِن رأس
أهدى إليَّ الملايين مِن الرؤوس
سرّ الموت
لم يكن الرأسُ طبيعيّاً
كانَ سرّ الموت
قد كُتِبَ ما بين عينيه
بسبعين لغة حيّة ومنقرضة
وبسبعين واقعة
ليس لوقعتها كاذبة
لم يكنْ طبيعيّاً أبداً
حتّى الشِعْر المليء بالثورات وخروج الرايات
عجزَ عن وصفِ تدحرج
تدحرجِ الرأسِ الذي روّعَ الشعوب
لم يكنْ طبيعيّاً بالمرّة
حتّى إبليس كان ينظر إليه
وهو يتدحرج أمامه على الأرض
دون أن يستطيع نطق كلمة واحدة
أين أنتِ أيتها الأجوبة؟
مِن المهم أن يتعرّف
مَن يريد أن يتعرّف إلى سرّه
في سرِّ هذا الرأس
أن يعرف القتلى
كيف قُتِلوا ولِمَ
وأن تعرف الكلمات
لِمَ سُحِقَتْ بالأقدام
وأن تعرف الأيام
كيف أُلقيتْ ساعاتها الجميلة
في حامضِ الكبريتيك
وأن تعرف المرأة
كيف اقتيدَ حبيبها إلى ساحةِ الحرب
وأن تعرف الحرب
لِمَ أُصيبتْ بالسمنةِ المفرطة
في زمنه الذي ابتلعَ الأنهارَ والطيور
وأن تعرف الطيور
لِمَ بيعَ بيضها الملوَّن
بدراهم معدودة
ثم أُلقيت الدراهمُ في المزبلة
وأن تعرف الروح
كيف سُرِقَتْ منها في وضحِ النهار
حقيبةُ البهجةِ والمسرّة
حقيبةُ النقاطِ والحروف
ثم أُلقيتْ في المستنقعِ النتن
مشهد أخير
حين تدحرجَ الرأسُ المثقلُ بشهوةِ الدم
ودخانِ الحروب
على الأرض
قامَ الشهداءُ من رقدتهم
وقامَ القتلى والغرقى والمفقودون
والمعذَّبون والمشوَّهون والمنفيّون
ثم قامت الملائكةُ والجن
وجهنم والجحيم
ثم قامَ الأنبياءُ والأولياء
ثم قامت السماء
ثم قامَ حَمَلةُ العرش
استمرّ الرأسُ يتدحرج
على الأرض
إلى أبد الآبدين