حين اجتمعنا عند نهر الفراتِ المقدّس
لنشربَ نخبَ اللغة
كان النهارُ جميلاً
والشمس لم تُلَوّث بعد بالدم
أو بغبارِ الحروب
في غمرةِ الاحتفال
اقترحت الجيمُ أو النون
أن نطيّر نقاطنا في الهواء
فصارَ لزاماً ونحن في بهجةٍ لا تُحدّ
صارَ لزاماً على كلّ حرف
أن يطيّرَ نقطتَه
في حبورٍ جنونيّ
وَسُكْرٍ مقدّس
طارت نقاطُ الحروف
عالياً
عالياً
كطيورِ النوارس
كحماماتِ السلام
كبلابل الصيف
كعصافير الرغبة
كفراشاتِ الطفولة
فجأةً
مزّقت السماءَ قذيفةُ دم
لكنّ النقاط لم تعد لأحرفها
لم تعدْ
فبكت الجيمُ محنتَها
وصاحتْ بوجهي
إنني مرتبكة مثل جثّة
أيها الألف الذي لا نقطة فيه ولا معنى
وصاحت النون
واأسفاه
سأبقى مثل ذراعين تائهتين
دون نقطةٍ أعشقها وأعبدها كلّ يوم
كثيراً
بكيتُ كثيراً لبكاءِ الحروف
ونظرتُ للشمس
فإذا هي نقطة من دخان