يا مَوْتُ قدْ مزَّقْتَ صَدْري
وقَصَمْت بالأَرزاءَ ظَهْرِي
ورمَيْتَني مِنْ حالقٍ
وسَخِرْتَ منِّي أَيَّ سُخْرِ
فلَبِثْتُ مرضوضَ الفؤادِ
أَجرُّ أجنحتي بذُعْرِ
وقَسَوْتَ إذْ أَبقيتَنِي في
الكونِ أَذْرَعُ كُلَّ وَعْرِ
وفَجَعْتَني فيمَنْ أُحِبُّ
ومنْ إليهِ أَبُثُّ سرِّي
وأَعُدُّهُ فَجْرِي الجميلَ
إِذا ادْلَهَمَّ عليَّ دَهْري
وأَعُدُّهُ وَرْدِي ومِزْماري
وكَاسَاتي وخَمْرِي
وأَعُدُّهُ غَابي ومِحْرابي
وأُغْنِيَتي وفَجْرِي
وَرَزَأْتَني في عُمْدَتي
ومَشُورَتي في كلِّ أمْرِ
وهَدَمْتَ صرحاً لا أَلوذُ
بغيرِهِ وهَتَكْتَ سِتْرِي
فَفَقَدْتُ روحاً طاهراً
شهماً يَجِيشُ بكلِّ خَيْرِ
وَفَقَدْتُ قلباً همُّهُ أَنْ
يستوي في الأُفقِ بدْرِي
وَفَقَدْتُ كفًّا في الحَيَاةِ
يصُدُّ عنِّي كلَّ شرِّ
وَفَقَدْتُ وجهاً لا يُعَبِّسُهُ
سوى حَزَني وضُرِّي
وَفَقَدْتُ نفساً لا تَني عنْ
صوْن أَفراحي وبِشْرِي
وَفَقَدْتُ رُكني في الحَيَاةِ
ورايَتي وعمادَ قصْرِي
يَا مَوْتُ قَدْ مَزَّقْتَ صَدْري
وقَصَمْتَ بالأَزراءِ ظهْرِي
يَا مَوْتُ ماذا تبتغِي منِّي
وقدْ مزَّقتَ صَدْرِي
ماذا تودُّ وأَنتَ قَدْ
سوَّدتَ بالأَحزانِ فِكْرِي
وتَرَكْتَني في الكائناتِ
أَئِنُّ منفرداً بإِصْرِي
وأَجوبُ صحراءَ الحَيَاةِ
أَقولُ أَيْنَ تُراهُ قبْرِي
ماذا تَوَدُّ من المُعَذَّبِ
في الوُجُودِ بغيرِ وِزْرِ
ماذا تودُّ من الشَّقيِّ
بعيشِهِ النَّكِدِ المُضِرِّ
إنْ كنتَ تطلبُني فهاتِ
الكأسَ أَشربُها بصَبْرِ
أَو كنتَ ترقُبُني فهاتِ
السَّهمَ أَرشُقُهُ بنَحْرِي
خذني إليكَ فقد تبخَّرَ
في فضاءِ الهمِّ عُمْرِي
وتَهَدَّلَتْ أَغْصانُ أَيَّامي
بلا ثَمَرٍ وزَهْرِ
وتناثَرَتْ أَوراقُ أَحلامي
على حَسَكِ المَمرِّ
خذني إليكَ فقدْ ظمِئْتُ
لكأسِكَ الكَدِر الأَمرِّ
خذني فقدْ أَصبَحْتُ أَرقُبُ
في فَضَاكَ الجوْنِ فَجْرِي
خذني فما أَشقى الَّذي
يقضي الحَيَاة بمِثْلَ أَمْرِي
يَا مَوْتُ قَدْ مزَّقتَ صدْرِي
وقصمتَ بالأَزراءِ ظهْرِي
يَا مَوْتُ قَدْ شاعَ الفؤادُ
وأقفرتْ عَرَصَاتُ صدْرِي
وغَدَوْتُ أَمشي مُطْرِقاً مِنْ
طُول مَا أَثْقَلْتَ فِكْرِي
يَا مَوْتُ نفسي ملَّتِ الدُّنيا
فهلْ لم يأْتِ دوْرِي