عز الدين المناصرة

1946 / فلسطين / الخليل

قفا .... نبك - Poe

يا ساكناً سِقْطَ اللِّوى
قد ضاع رَسْمُ المنزلِ
بين الدَّخولِ فَحَوْمَلِ
مقيمٌ هنا أشربُ الخمر ﻓﻲ حانةٍ
قرب (رأس المُجَيْمرِ) ... كلَّ مساءْ
هنا ينعَب البومُ ﻓﻲ سقْفها
تستريحُ ثعالبُها من ثُمول الرخاء
هنا حيث نأوي مع الليل
لو يسمعُ الرملُ وقْعَ خُطى النُّدَماءْ
نجومُ السماءِ تُراقبنا ﻓﻲ السماءْ
ملأنا جدار الصحاري ضجيجاً لنادلةٍ
(وزَّعتْ بعض آهاتها للسيوف التي صدئتْ ﻓﻲ (قِباءْ
ملأنا كؤوس الصفاءْ
لنادلةٍ بعثرتْ رقْصَ أجزائها
ﻓﻲ ارتعاش سكون الخلاءْ
(فكيف ستصمُتُ غزلانُ (وَجْرَةَ
إن سمعتْنا مع الكاس نهذي
لنشوي على التلِّ أضلاعها وتلافيفها والصدورْ
على التلِّ يعلو دخانُ النذورْ
مقيمٌ هنا ﻓﻲ انتظارِك ﻓﻲ غابةٍ من سماء الغدير
قليلٌ من العشبِ، تأتي إليك مع الحَدْسِ غزلانُ وَجْرةْ
وحتى تُدَقُّ المساميرُ ﻓﻲ النعشِ
لا تزعجوا الشعراءْ
دعوني على زقِّ خمر، أنامُ وخلّوا يدي تحمل الكاسَ
حتى تُطاولَ رأس المجرّةْ
ولا تطلبوا الثأر يا آل حُجْرٍ ... فإنّي
قتيلُ العذارى وكأسٍ من الراحِ
ﻟﻢ أدخل الحرب مَرَّةْ
لو كان يسأل ما الدَّوا
من خمرتي ... داويتُهُ
يا ساكناً سِقْطَ اللِّوى
قُربَ اليمامةِ بيتُهُ
الخيرُ ينتظمُ البلاد: (بلاد كنعان) السخيّةْ
من بَعْدِ أعوامٍ عِجافْ
عادتْ إليك مزارعُ التفّاح من فرحٍ صبيّةْ
كانت على النبع الذي أحببتَهُ
بعُصارةِ الحنّاءِ تصبغُ وجهَها ... تُسقى السُلافْ
وتنام حتى تحرق الشمسُ الصباحيةْ
خَدَّ البُنيَّةْ
تبكي على خلٍّ مضى
نسيتْهُ ، فاختطفتهُ منها النائحات
يا حلوتي: جسدٌ ... وفات
فوق الأكفِّ ﻭﻓﻲ النعوش العابرات
فلتعبري نحو ابتهاجات الحياة
يا ساكناً جبل الخليلْ
جَهِّزْ سلاحكَ من عَلِ
وامددْ ذراعكَ للجليلْ
يشتاقُ قلبُ الكرملِ
وبكيت فوق الجسر بين القدس، فالوادي السحيقْ
وصرختُ من يأسي، ومن طول السفرْ
لو مات فارسك المجيد ومات ناطور الشجر
فادفِنْ عظامي، يا حبيبي، تحت كرمتنا، على الجبل العتيقْ
تتعتَّقُ الأيامُ والأعوامْ
ويسحّ ﻓﻲ الشام المطر
تنمو، وتخضرُّ العظامْ
فادفِنْ عظامي ... وانتظرْ
يوماً من الوادي، شُروقي
إنّي لأخشى الموت ﻓﻲ المنفى ... فَمَنْ
يروي عُروقي؟
لو كان مَشْدودَ الفؤاد لما انكسر
لو كان يهذي للرياح
لو كان رَفْرافَ الجناح
لو كان كأسك فيه وعدٌ أوْ غيومْ
واجِهْ رمالَ العاصفة
يا أيها المطرودْ
احذرْ غيومَ الخمر يا هذا
وَمَسْعاكَ القديمْ
أتاني، أتاني، أتاني
وَحقِّ يغوثَ، أتاني
وخبأتِ عنّي طويلاً ... وما خبَّأ الأصدقاء
أيا حُجْرُ ... واخَجَلي منك، واخجلي
حين جاء النبأْ
قضيتُ الليالي
أفرّق بين الصواب ... وبين الخطأْ
ولا زادَ ﻓﻲ جَعْبتي
غيرُ ما صنعتْهُ يدي الآثمهْ
وما أرسَلتْهُ مع الفجر ﻟﻲ فاطمة
تقول: انتصرْ لأبيكَ، انتصرْ لأبيكْ
سأشربُ حتّى ولو كانت الكأسُ مُرَّةْ
فمن أجل غزلان وَجْرةْ
غداً أدخل الحرب أوَّلَ مَرَّةْ
رحلتَ وحمَّلتَني عبء هذا النبأ
رحلتَ وحمَّلتني عبءَ هذا الفراقْ
رَحَلْتَ وحمَّلتَني عبءَ أرضٍ تريدُ العناقْ
رحلتَ وحمَّلتَني يا أﺑﻲ ما يُطاقْ
وما لا يُطاقْ
الرومُ لا يأتونْ
إلاّ إذا ظلّوا
كالرمل كالطاعونْ
ﻓﻲ العشب قد حلّوا
هل جاء مُحْتَلُّ
كي يمنح الليمونْ
لشاعرٍ مطعونْ
أصحابه مَلّوا
والروم لا يأتون
إلاّ إذا ظلّوا
ضاع مُلكي
ﻓﻲ ذُرى رأس المُجَيمِرْ
ضاع مُلْكي، وأنا ﻓﻲ بلاد الروم
أهذي، ثُمَّ أمشي، أَتدعثَرْ
مَنْ تُرى منكمْ يُغيثُ الملكَ الضِلِّيلَ
يا صخر يَغوثْ
أرسل الجَمْرَ لكوخ الندماء
ضيَّعوني ... ومضوا ﻓﻲ دربهمْ
يشربون الخمر ﻓﻲ هذا المساءْ
قرب غَنْجات الإِماءْ
ضاع مُلْكي
أكلتني الغربةُ السوداء، يا قَبْرَ عَسيبْ
جارتي، إنَّا غريبان بوادي الغرباء
(نبعثُ الشعر ونحمي (أنْقِرَةْ
أيها الوادي الخصيبْ
ربّما مرَّتْ على القبر هنا يوماً حمامة
يا حماماتِ السهوب
أَبلغي عنّي التحيةْ
قبل موتي، للحبيبْ
دارهُ السمراءُ شرقيَّ اليمامة
رغم موتي سأغنيك ﺇﻟﻰ يوم القيامة
مُشْرِعاً صوتي وسيفي
ورصاصَ الفقراء الرائعينْ
ﻓﻲ وجوه الطامعينْ
يا أيُّها المهزومْ
يا سيِّدَ الشِعْرِ
قُلنا: ... تخونُ الرومْ
ﻓﻲ ثوبك المسمومْ
وأنت لا تدري
وربّما تدري
244 Total read