إِجْعَلُوا قُوْتِي الطِّلا وَأَحِيلُوا كَهْرُبَاءَ الْخُدُودِ لِلْيَاقُوتِ
وَإِذَا مُتُّ فَاجْعَلُوا الرَّاحَ غُسْلِي وَمِنَ الْكَرْمِ فَاصْنَعُوا تَابُوتِي
يَقُولُ الْمُتَّقُونَ غَداً سَتَحْيَى عَلَى مَا كُنْتَ فِي هَذِي الحَيَاةِ
لِذَا اخْتَرْتُ الْحَبِيبَةَ وَالحُمَيَّا لأُحْشَرَ هَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ
جَاءَ مِنْ حَانِنَا النِّدَاءُ سُحَيْراً يَا خَلِيعاً قَدْ هَامَ بِالْحَانَاتِ
قُمْ لِكَيْ نَمْلأَ الْكُؤُوْسَ مُدَاماً قَبْلَ أَنْ تَمْتَلِي كُؤُوْسَ الْحَيَاةِ
هَبِ الدُّنْيَا كَمَا تَهْوَاهُ كَانَتْ وَكُنْتَ قَرَأْتَ أَسْفَارَ الْحَيَاةِ
وَهَبْكَ بَلَغْتَهَا مِئَتَيْنِ حَوْلا فَمَاذَا بَعْدَ ذَاكَ سِوَى الْمَمَاتِ
أَلْبَدْرُ شَقَّ بِنُورِهِ جَيْبَ الدُّجَى فَاشْرَبْ فَلَنْ تَلْقَى كَذِي الأَوْقَاتِ
وَاهْنَأْ وَلا تَأْمَنْ فَهَذَا الْبَدْرُ كَمْ سَيُضِيءُ فَوْقَ ثَرَى لَنَا وَرُفَاتِ
إِنْ نِلْتُ مِنْ حِنْطَةٍ رَغِيفاً وَكُوْزَ خَمْرٍ وَفَخْذَ شَاةِ
وَكَانَ إِلْفِي مَعِي بِقَفْرٍ فُقْتُ بِذَا عِيشَةَ الْوُلاةِ
مَنْ نَالَ ذَرَّةَ عَقْلٍ عَادَ مُنْتَبِها فَلَمْ يُضِعْ مِنْ ثَمِينِ الْعُمْرِ لَحْظَتَهُ
إِمَّا سَعَى لِرِضَاءِ اللَّهِ مُجْتَهِداً أَوْ عَبَّ كَأَسَ الطِّلا وَاخْتَارَ رَاحَتَهُ
مَا اسْطَعْتَ كُنْ لِبَنِي الْخَلاعَةِ تَابِع وَاهْدِمْ بِنَاءَ الصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ
وَاسْمَعْ عَنِ الْخَيَّامِ خَيْرَ مَقَالَةٍ إِشْرَبْ وَغَنِّ وَسِرْ إِلَى الْخَيْرَاتِ
أُحْسُ الطِّلا عَنْكَ يَزُلْ هَمُّ الوَرَى وَقِلَّةُ الأُمُورِ أَوْ كَثْرَتُهَا
وَلا تُجَانِبْ كِيمْيَاءَ قَهْوَةٍ تُزِيلُ أَلْفَ عِلَّةٍ قَطْرَتُهَا
جُسُومُ ذَوِي هَذِي الْقُبُورِ تَحَلَّلَتْ فَبَيْنَ بُخَارٍ قَدْ عَلا وَرُفَاتِ
فَمَا هَذِهِ الرَّاحُ الَّتِي صَرَعَتْهُمُ وَلَمْ يَنْهَلُوا مِنْهَا سِوَى جُرُعَاتِ
هَلُمَّ حَبِيبِي نَتْرُكِ الْهَمَّ فِي غَدٍ وَنَغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ قَبْلَ فَوَاتِ
سَنُزْمِعُ عَنْ ذِي الدَّارِ رِحْلَتَنَا غَداً بِسَبْعَةِ آلافٍ مِنَ السَّنَوَاتِ
مَنْ كَانَ نِصْفُ رَغِيفٍ فِي الْحَيَاةِ لَهُ وَمَسْكَنٌ فِيهِ مَثْوَاهُ وَرَاحَتُهُ
لَمْ يَغْدُ سَيِّدَ شَخْصٍ أَوْ غُلامَ فَتىً فَهَنِّهِ فَلَقَدْ رَاقَتْ مَعِيشَتُهُ
إِلَى الْحَانِ أَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ مُبَكِّراً وَأَصْحَبُ فِيهِ ثَمَّ أَهْلَ الْخَلاعَاتِ
فَيَا عَالِمَ الأَسْرَارِ هَبْنِي هِدَايَةَ وَرُشْداً لأَغْدُو لِلدُّعَا وَالْمُنَاجَاةِ
لا تَحْسَبَنِّيَ جِئْتُ مِنْ نَفْسِي وَلا قَطَعْتُ وَحْدِي ذَا الطَّرِيقَ المُعَنِّتَا
إِنْ يَكُ مِنْهُ جَوْهَرِي وَمَنْشَئِي فَمَنْ أَنَا وَأَيْنَ كُنْتُ وَمَتَى
كُنْ كَالشَّقَائِقِ مُمْسِكاً كَأْساً لَدَى الن يْرُوزِ مَعْ وَرْدِيَّةِ الْوَجْنَاتِ
وَاشْرَبْ فَإِنَّكَ سَوْفَ تُصْبِحُ كَالثَّرَى ضَعَةً بِسَيرِ الدَّهْرِ ذِي النَّكَبَاتِ
أَلْيَوْمُ يَوْمُ صِبَايَ فَلأشْرَبْ بِهِ كَأْسَ الشَّرَابِ وَأَجْتَنِي لَذَّاتِي
لاتُزْرِ فِيهِ لَئِنْ يَمَرَّ فَقَدْ حَلا لا غَزْوَ إِنْ يَكُ مَرَّ فَهُوَ حَيَاتِي
أَحْسُو الْمُدَامَ وَلا أُعَرْبِدُ قَطُّ أَوْ كَفِّي تُمَدُّ لِمَا عَدَا الْكَاسَاتِ
تَدْرِي لِمَا اخْتَرْتُ الطِّلا ؟ كَيْلا أَرَى يَا صَاحِ مِثْلَكَ مُوْلَعاً فِي ذَاتِي
إِنَّ بَدْرِي يَلُوحُ فِي كُلِّ شَكْلِ حَيَوَاناً طَوْراً وَطَوْراً نَبَاتاً
لا تَخَلْهُ يَزُولُ هَيْهَاتَ فَالْمَوْ صُوفُ إِنْ يَفْنَ وَصْفُهُ يَبْقَ ذَاتَا
يَا عَالِماً بِجَمِيعِ أَسْرَارِ الْوَرَى وَنَصِيرَهُمْ فِي الْعَجْزِ وَالْكُرُبَاتِ
كُنْ قَابِلاً عُذْرِي إِلَيكَ وَتَوْبَتِي يَا قَابِلَ الأَعْذَارِ وَالتَّوْبَاتِ