يُدَقِّقُ ذَلِكَ الْخَزَّافُ فِكْراً بِصُنْعِ الطِّيْنِ تَدْقِيقَ الْفَهِيمِ
إِلاَمَ يَسُوْمُهُ دَوْساً وَلَكْماً يَخَالُ الطِّينَ غَيْرَ ثَرَى الْجُسُومِ ؟
وُجُودُ ذَا الْكَوْنِ مِنْ بَحْرِ الْخَفَاءِ بَدَا وَسِرُّهُ لَمْ يَبِنْ يَوْماً لَدَى الأُمَمِ
كُلُّ امْرِئٍ قَالَ وَهْماً عَنْ حَقِيقَتِهِ وَالْحَقُّ مَا فَاهَ فِيهِ وَاحِدٌ بِفَمِ
أَزْهَرَ الرَّوْضُ يَا نَدِيمِي فَبَادِرْ فَسَيَغْدُوْ ثَرىً وَيُمْسِي عَدِيمَا
إِرْتَشِفْ وَاقْتَطِفْ فَسَوْفَ تَرَى الْوَرْ دَ تُرَاباً وَالنَّبْتَ فِيهِ هَشِيمَا
إِنْ تَشْرَبِ الرَّاحَ فَاِشْرَبْ مَعْ ذَوِي أَدَبٍ أَوْ ذِي جَمَالٍ صَقِيلِ الْخَدِّ مُبْتَسِمِ
وَدَعْ تَعَاطِيَهَا بَيْنَ الْمَلاَ عَلَناً وَاشْرَبْ خَفَاءً وَلاَ تُكْثِرْ وَلا تُدِمِ
طَوَى الصُّبْحُ رَايَةَ جَيْشِ الظَّلاَمْ فَقُمْ يَا نَدِيمِي وَهَاتِ الْمُدَامْ
وَفُكَّ لَنَا نَرْجِسَ الْمُقْلَتَيْنْ وَقُمْ فَلَسَوْفَ تُطِيلُ الْمَنَامْ
حَتَّى مَ أَنْتَ أَسِيرٌ لِلَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَالشَّمْ وَمُقْتَفٍ كُلَّ زَيْنٍ وَكُلَّ شَيْنٍ مُدَمَّمْ
فَإِنْ تَكُنْ مَاءَ عَيْنِ الْحَيَاةِ أَوْ بِئْرِ زَمْزَمْ سَتُودَعُ الرَّمْسَ حَتْمَا لَدَى الْقَضَاءِ الْمُحَتَّمْ
يَا نَفْسُ لاَ تَرْتَجِي مِنْ دَهْرِكِ الْكَرَمَا وَلاَ مِنَ الْفَلَكِ الدَّوَّارِ مُغْتَنَمَا
يَزِيدُ دَاؤُكَ إِنْ دَاوَيْتِهِ أَلَمَا فَأَعْرِضِي عَنْ دَوَاهُ وَأَحْمِلِي السَّقَمَا
سَنَفْنَى وَهَذَا الْكَوْنُ سَوْفَ يَدُوْمُ وَتَذْهَبُ أَسْمَاءٌ لَنَا وَرُسُوْمُ
كَمَا لَم نَكُنْ وَالْكَوْنُ كَانَ مُنَظَّماً سَنَفْنَى وَيَبْقَى بَعْدُ وَهْوَ نَظِيمُ
بَدَا الصُّبْحُ وَانْشَقَّ جَيْبُ الظَّلاَمْ فَقُمْ وَدَعِ الْهَمَّ وَاحْسُ الْمُدَامْ
فَكَمْ مِنْ صَبَاحٍ سَيَبْدُوْ لَنَا وَنَحْنُ نِيَامٌ بِبَطْنِ الرُّغَامْ
خُذْ نَصِباً مِنْ دَوْرِ دَهْرِكَ وَاجْلِسْ فَوْقَ عَرْشِ السُّرُوْرِ وَاحْسُ الْجَامَا
عَنِيَ الْلَّهُ عَنْ ذُنُوْبٍ وَطَاعَا تٍ فَأَدْرِكْ مِنَ الزَّمَانِ الْمَرَامَا
عِطَاءُ الدِّنِّ يَعْدِلُ أَلْفَ نَفْسٍ وَتَعْدِلُ مُلْكَ ذِي الدُّنْيَا الْمُدَامُ
أَرَى مِنْدِيلَ مَسْحِ الرَّاحِ عِنْدِي لَهُ فَوْقَ الطَّيَالِسَةِ احْتِرَامُ
حَقِيقَةُ الْكَوْنِ لَيْسَتْ عِنْدَ نَاظِرِ سِوَى مَجَازٍ فَفِيْمَ الْهَمُّ وَالأَلَمُ
فَجَارِ دَهْرَكَ وَاخْضَعْ لِلْقَضَاءِ فَلَنْ تُطِيقَ تَبْدِيلَ مَا قَدْ خَطَّهُ الْقَلَمُ
تَسَاقَطْنَا كَطَيْرٍ فِي شِبَاكٍ تُعَانِي مِنْ أَذَى الدَّهْرِ اهْتِضَامَا
وَنَخْبِطُ فِي فَضَاءٍ لَيْسَ يَبْدُوْ لَهُ حَدٌّ وَلَمْ نَبْلُغْ مَرَامَا
أَنْتَ أَبْدَعْتَنِي مِنَ الْمَاءِ وَالطِّ يْنِ كَمَا قَدْ نَسَجْتَ أَلْيَافَ جِسْمِي
كُلُّ شَرٍّ مِنِّي يَلُوْحُ وَخَيْرٍ أَنْتَ قَدَّرْتَهُ فَمَا هُوَ جُرُمِي
ثُوْبُ قُدْسِي خَلَعْتُهُ فَوْقَ دِنٍّ وَتَيَمَّمْتُ فِي ثَرَى الْحَانِ حَرْمَا
فَعَسَانِي أَلْقَى لَدَى الْحَانِ عُمْراً ضاعَ مِنِّي بَيْنَ الْمَدَارِسِ قِدْمَا
تُقَلِّلُ الرَّاحُ تَكَبُّرَ الْوَرَى وَهِيَ تَحُلُّ مُشْكِلاَتِ الْعَالَمِ
لَوْ ذَاقَ إِبْلِيسُ الْمُدَامَ مَرَّةً أَتَى بِأَلْفَيْ سَجْدَةٍ لآدَمِ
تَارِكَ الرَّاحِ لاَ تَذُمَّ السُّكَارَى إِنْ أُوَفَّقْ أَتُبْ وَيُمْحَى الأَثَامُ
بِاجْتِنَابِ الطِّلاَ افْتَخَرْتَ وَتَأْتِي بِذُنُوبٍ لَهَا الْمُدَامُ غُلاَمُ
نُوْرُ الْبَصِيرَةِ نَحْنُ فِي عَيْنِ الْحِجَى وَكَذَاكَ نَحْنُ الْقَصْدُ مِنْ ذَا الْعَالَمِ
هَذَا الْوُجُودُ قَدِ اسْتَدَارَ كَخَاتَمٍ النَّقْشُ نَحْنُ بِفَصِّ ذَاكَ الْخَاتَمِ
تَحُوكُ لِي يَا دَهْرُ جِلْبَابَ الأَسَى كَمَا تَشُقُّ لِي رِدَا التَّنَعُّمِ
تُعِيدُ لِي رِيحَ الصَّبَا نَاراً كَمَا تُصَيِّرُ الْمَاءَ تُرَاباً فِي فَمِي
إِذَا لَمْ نَكُنْ فِي الدَّهْرِ نَبْقَى فَعَيْشُنَا بِدُوْنِ الْحُمَيَّا وَالْحَبِيبِ ذَمِيمُ
إِلَى مَ اهْتِمَامِي فِي قَدِيمٍ وَحَادِثٍ وَسِيَّانَ بَعْدِي حَادِثٌ وَقَدِيمُ
دَعَا الْوَرْدُ إِنِّي يُوْسُفُ الرَّوْضِ فَأَنْظِرُوا كَيَاقُوتَةٍ بِالتِّبْرِ مَمْلُوْءَةٍ فَمِي
فَقُلْتُ أَبِنْ لِي مِنْ عَلاَمَاتِ يُوْسُفٍ فَقَالَ انْظُرَنْ ثَوْبِي الْمُخَضَّبَ بِالدَّمِ
حَلَّ فِكْرِي فِي الْكَوْنِ كُلَّ مُعَمّىً مِنْ حَضِيْض الثَّرَى لأَوْجِ النُّجُوْمِ
قَدْ تَبَيَّنْتُ كُلَّ مَكْرٍ وَمِرٍّ فِيهِ إِلاَّ سِرَّ الرَّدَى الْمَحْتُومِ
أَنَا لَسْتُ أَقْنَطُ مِنْ خَالِقٍ رَحِيمٍ لِعِبْءِ ذُنُوبِي الْجِسَامْ
إِذَا الْيَومُ مُتُّ صَرِيعَ الطِّلاَ سَيَعْفُوْ غَداً عَنْ رَمِيمِ الْعِظَامْ
لِحُكْمِ الْقَضَا وَكِّلْ أُمُورَكَ مَا احْتَوَى كِيَانُكَ أَعْصَاباً وَجِلْداً وأَعْظُمَا
دَعِ الْمَنَّ مِنْ خِلٍّ وإِنْ يَكُ حَاتِماً وَلِلْخَصْمِ لاَ تَخْضَعْ وَإِنْ يَكُ رُسْتُمَا
إِنَّ الأُولَى أَضْحَوا أَسَارَى عَقْلِهِمْ ذَهَبُوا بِحَسْرَةِ فَاقِدٍ مُتَنَدِّمِ
إِشْرَبْ وَعُدْ كَالأَغْبِيَاءِ فَإِنَّهُمْ صَارُوا زَبِيباً فِي أَوَانِ الْحِصْرِمِ
رَبِّيَ افْتَحْ لِي بَابَ رِزْقٍ وَأَرْسِلْ لِيَ قُوتِي مِنْ دُوْنِ مَنِّ الأَنَامِ
وَأَدِمْ نَشْوَةَ الطِّلاَ لِيَ حَتَّى تُذْهِلَنِي مَا عِشْتُ عَنْ آلاَمِي
إِنِّي وَإِنْ ذُقْتُ الْغَرَامَ وَقَلَّ لِي مِنْ مُبْهَمِ الأَسْرَارِ مَا لَمْ يُفْهَمِ
فَالْيَومَ حِينَ فَتَحْتُ عَيْنَ بَصِيرَتِي أَصْبَحْتُ أَعْلَمُ أَنَّنِي لِمْ أَعْلَمِ
بَادِرِ الْيَومَ إِذْ تُطِيقُ نَوَالاً وَأَزِلْ عَنْ حَشَا الرِّفَاقِ الْهُمُومَا
إِنَّ مُلْكَ الْحَمَالِ لَيْسَ بِبَاقٍ فَسَتَلْقَاهُ بَغْتَةً مَعْدُومَا
إِنْ تَكُنْ يَا نَدِيمُ نَاراً بِصَخْرٍ فَسَيَجْرِي إِلَيْكَ جَارِي الْحِمَامِ
غَنِّ فَالْكَونُ مِنْ ثَرَىً وَهَوَاءٌ كُلُّ أَنْفَاسِنَا فَجِئْ بِالْمُدَامِ
إِنَّ ظَبْياً بِهِ اسْتَهَامَ فُؤَادِي عَادَ صَبَّاً بِشَادِنٍ مُسْتَهَامَا
كَيْفَ أَرْجُوْ مِنْ بَعْدُ بُرْءاً لِدَائِي وَطَبِيبِي أَضْحَى يُعَانِي السَّقَامَا
إِنْ رَآنِي السَّاقِي لِجَدْوَاهُ أَهْلاً عَمَّنِي فِي فَوَاضِلِ الإِنْعَامِ
وَإِذَا لَمْ أَكُنْ بِأَهْلٍ سَقَانِي فَوْقَ قَدْرِي بِعَادَةِ الإِكْرَامِ
أَيَا فَلَكاً يُرَبِّي كُلَّ نَذْلٍ وَلَيْسَ يَدُورُ حَسْبَ رِضَا الْكَرِيمِ
كَفَى بِكَ شَيْمَةً أَنْ رُحْتَ تَهْوِي ذِي شَرَفٍ وَتَسْمُوْ بِالْلَّئِيمِ
أَلأُفْقُ كَأْسٌ فَوْقَنَا مَقْلُوبَةٌ كَمْ تَحْتَهَا خُدِعَ الْلَّبِيبُ الأَحْزَمُ
أُنْظُرْ وِدَادَ الْكَأْسِ مَعْ كُوْزِ الطِّلاَ شَفَةٌ عَلَى شَفَةٍ وَبَيْنَهُمَا دَمُ
سِرُّ الْحَيَاةِ لَوْ أَنَّهُ يَبْدُوْ لَنَا لَبَدَا لَنَا سِرُّ الْمَمَاتِ الْمُبْهَمُ
لَمْ تَعْلَمَنَّ وَأَنْتَ حَيٌّ سِرَّهَا فَغَداً إِذَا مُتَّ مَاذَا تَعْلَمُ ؟
حَلَّقْتُ بِالْفِكْرِ مِنْ فَوْقِ السَّمَا لأَرَى الْ جِنَانَ وَالنَّارَ وَالأَلْوَاحَ وَالْقَلَمَا
فَصَاحَ دَاعِي الْحِجَى فِيكَ الْجِنَانُ زَهَتْ وَالنَّارُ شَبَّتْ وَفِيكَ الْلَّوْحُ قَدْ رُقِمَا
إِنَّ الَّذيْنَ تَرَحَّلُوا مِنْ قَبْلِنَا نَزَلُوا بِأَجْدَاثِ الْغُرُورِ وَنَامُوا
إِشْرَبْ وَخُذْ هَذِي الْحَقِيقَةَ مِنْ فَمِي كُلُّ الَّذِي قَالُوا لَنَا أَوْهَامُ
لَمْ تَقُلْ لِي مَا قُلْتَ إِلاَّ لِحِقْدٍ زَاعِماً أَنَّنِي بِلاَ إِسْلاَمِ
أَنَا أَقْرَرْتُ بِالَّذِي قُلْتَ لَكِنْ أَنْتَ أَهْلٌ لِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ ؟
يَا مَنْ غَدَوْتَ لِجَوْكَانِ الْقَضَا كُرَةً سِرْ كَيْفَ شَاءَ وَلاَ تَنْبِسْ بِبِنْتِ فَمِ
فَمَنْ رَمَى بِكَ فِي الْمَيْدَانِ مُضْطَرِباً أَدْرَى وَأَعْلَمُ مَا يَجْرِي مِنَ الْقِدَمِ
إِلَى مَ وَأَنْتَ لِلدُّنْيَا حَزِينٌ وَطَرْفُكَ دَامِعٌ وَالْقَلْبُ دَامِي
فَعِشْ جَذْلاَنَ وَارْتَشِفِ الْحُمَيَّا وَنَلْ أَقْصَى الْهَنَا قَبْلَ الْحِمَامِ
إِنَّ الْقَضَاءَ لأَمْرٌ لاَ يُرَدُّ وَمَا نَصِيبُ ذِي الْهَمِّ إِلاَّ السُّقْمُ وَالأَلَمُ
إِنْ تَقْضِ عُمْرَكَ مَهْمُومَ الْفُؤَادِ فَلَنْ تَزِيدَ شَيْئاً عَلَى مَا خَطَّهُ الْقَلَمُ
لِيَ نَقْداً سَاقٍ وَعُوْدٌ وَرَوْضٌ وَلَكَ الْوَعْدُ فِي غَدٍ بِالنَّعِيمِ
دَعْ حَدِيثَ الْجِنَانِ وَالنَّارِ مَنْ جَا ءَ مِنَ الْخُلْدِ أَوْ مَضَى لِلْجَحِيمِ ؟