أَصْبَحْتُ بِالسُّكْرِ وَالصَّهْبَاءِ مُفْتَتِناً فَفِيمَ يُكْثِرُ لِي هَذَا الْوَرَى الْعَذَلاَ
يَا لَيْتَ كُلَّ حَرَامٍ مُسْكِرٌ لأَرَى فِي الْكَوْنِ كُلَّ فَتىً مِنْ ذَنْبِهِ ثَمِلاَ
عِشْ وَابْنَةَ الْكَرْمِ فِي هَنَاءٍ وَاشْرَبْ وَدَعْ بَاطِلَ الْخَيَالِ
فَالبِنْتُ مَهْمَا تَكُنْ حَرَاماً أَطْيَبُ مِنْ أُمِّهَا الْحَلاَلِ
أَرَى كُلَّ خِلاَّنِ الْوَفَاءِ تَفَرَّقُوا فَبَيْنَ صَرِيعٍ لِلرَّدَى وَقَتِيلِ
شَرِبْنَا شَرَاباً وَاحِداً غَيْرَ أَنَّهُمْ بِهِ ثَمِلُوا مِنْ قَبْلِنَا بِقَلِيلِ
أَيَا قَلْبُ مَا تَدْرِي بِسِرِّ أُوْلِي النُّهَى وَلَسْتَ لِذَا الرَّمْزِ الدَّقِيقِ تَرَى حَلاَّ
مِنَ الرَّاحِ فَاصْنَعْ هَا هُنَا لَكَ جَنَّةً فَثَمَّ جِنَانٌ هَلْ تَفُوْزُ بِهَا أَوْ لاَ
كَسَرْتُ كُوْزاً لِلطِّلاَ عَنْ جَهْلِ إِذْ كُنْتُ نَشْوَاناً سَلِيبَ الْعَقْلِ
فَرَاحَ يَدْعُوْ بِلِسَانِ الْحَالِ مِثْلَكَ قَدْ كُنْتُ وَتَغْدُوْ مِثْلِي
لَيسَ يَدْرِي سِرَّ الْوُجُودِ ابْنُ أُنْثَى وَبِتَكْوِينِهِ تَحَارُ الْعُقُولُ
مَا أَرَى لِلْفَتَى سِوَى الرَّمْسِ مَثْوىً وَهْوَ لَهْفِي حِكَايَةٌ سَتَطُوْلُ
إِنْ مُتُّ فَاكْتُمُوا رُفَاتِي وَاجْعَلُوا آخِرَ أَمْرِي عِظَةً بَيْنَ الْمَلاَ
وَبِالطِّلاَ امْزُجُوا ثَرَايَ وَاصْنَعُوا مِنْ طِينِهِ غِطَاءَ رَاقُودِ الطِّلاَ
ذَا يَوْمُكَ رَاقَ وَالْهَوَاءُ اعْتَدَلاَ وَالرَّوْضُ بِوَاكِفِ الْغُيُوثِ اغْتَسَلاَ
وَالْبُلْبُلُ بِالْبَهَارِ نَادَى جَذِلاَ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ لأَكْؤُسِ الرَّاحِ جَلاَ
يَا صَنْمِي قُمْ وأْتِنِي مُعَجِّلاً وَحُلَّ فِي حُسْنِكَ لِي مَا أَشْكَلاَ
وَهَاتِنِي كُوْزَ الْمُدَامِ قَبْلَ أَنْ يُصْنَعَ مِنْ رُفَاتِنَا كُوْزُ الطِّلاَ
خَيَّامُ طِبْ إِنْ نِلْتَ نَشْوَةَ قَرْقَفٍ وَحَبَاكَ وَرْدِيُّ الْخُدُودِ وِصَالاَ
إِنْ كَانَ عَاقِبَةُ الْوُجُودِ هِيَ الْفَنَا فَافْرُضْ فَنَاكَ وَعِشْ سَعِيداً بَالاَ
إِذَا نِلْتَ رِطْلَيْ قَرْقَفٍ فَاحْسُ جَامَهَا بِكُلِّ اجْتِمَاعٍ رَاقَ أَوْ مَحْفَلٍ حَالِي
فَمَا يَعْتَنِي بَارِي الْوُجُودِ بِشَارِبٍ لِمِثْلِكَ أَوْ يَهْتَمُّ فِي ذَقْنِ أَمْثَالِي
دَعِ الْمَاضِي وَمَا سَيَجِيءُ وَانْعَمْ وَطِبْ نَفْساً بِكَاسَاتِ الشَّمُوْلِ
وَأَنْفُسُنَا مُعَارَاتٌ فَأَطْلِقْ سَرَاحَ النَّفْسِ مِنْ قَيْدِ الْعُقُوْلِ
أَخَذْتُ بِدَفْتَرِ الأَيَّامِ فَالاً فَجَاءَ نِدَاءُ ذِي ذَوْقٍ وَعَقْلِ
سَعِيدٌ مَنْ لَهُ إِلْفٌ كَبَدْرٍ يُنِيرُ وَلَيْلَةٌ فِي طُوْلِ حَوْلِ
كُلُّمَا قَدْ رَأَيْتَ فِي الدَّهْرِ وَهْمٌ وَالَّذِي قُلْتَ أَوْ سَمِعْتَ خَيَالُ
بَاطِلاً قَدْ غَدَوْتَ فِي الأَرْضِ تَعْدُوْ وَكَذَا الانْزِوَاءُ فِي الدَّارِ آلُ
أَعِبُّ الطِّلاَ عَمْداً وَمِثْلِي ذُو حِجِي لَهُ يَغْتَدِي عِنْدَ النُّهَى شُرْبُهَا سَهْلاَ
دَرَى الْلَّهُ قِدْماً بِارْتِشَافِيَ لِلطِّلاَ فَإِنْ أَجْتَنِبْهَا يَنْقَلِبْ عِلْمُهُ جَهْلاَ
يَا نَدِيمِي أَدِرْ عَقِيقَ الْحُمَيَّا وَأَرِحْنِي مِن هَمِّ قِيلٍ وَقَالِ
وَاسْعَ فِي كُوْزِهَا فَسَوْفَ تُسَوِّي مِنْ ثَرَانَا كُوْزاً أَكُفُّ الْلَّيَالِي
يَا قَلْبُ هَبْ أَنَّكَ نِلْتَ الأَمَلاَ رَأَيْتُ بِهِ يَأْسِي لِعَيْنِي مُمَثَّلاَ
وَرَوْضُ أَفْرَاحِكَ بِالنَّبْتِ حَلاَ فَلَسْتَ فِي رَوْضِ الْهَنَا سِوَى نَدىً
هَوَى لَدَى الْلَّيْلِ وَفِي الصُّبْحِ عَلاَ كَمْ ضَرَبْنَا فِي كُلِّ قُطْرٍ وَفَجٍّ
وَادِياً كَانَ أَوْ فَلاَةً وَسَهْلاَ لَمْ نَجِدْ مَنْ يَقُوْلُ مَنْ عَادَ مِنْ ذَاكَ
الطَّرِيقِ الَّذِي مَضَى فِيهِ قَبْلاَ أُنْظُرْ لِسُوْءِ فِعَالِ أَفْلاَكِ السَّمَا
وَانْظُرْ لِدَهْرِكَ مِنْ رِفَاقِكَ خَالِي مَا اسْطَعْتَ فَاهْنَ الْيَوْمَ لاَ تَنْظُرْ غَداً
أَومَا تَقَضَّى وَانْظُرَنَّ لِلْحَالِ أُجِيلُ بِهَذَا الْكَوْنِ طَرْفِي مُدَقِّقاً
وَأُمْعِنُ فِيهِ فِكْرَةً وَتَأَمُّلاَ فَسُبْحَانَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ نَظَرْتُهُ
نَفْسِي الْفِدَاءُ لِكُلِّ كُفْءٍ عَارِفٍ أَهْوِي عَلَى قَدَمَيْهِ غَيْرَ مُبَالِ
أَتُرِيدُ مَعْرِفَةَ الْجَحِيمِ بِكُنْهِهَا إِنَّ الْجَحِيمَ لَصُحْبَةُ الْجُهَّالِ
بَادِرْ زَمَانَكَ وَاحْسُ الرَّاحَ صَافِيَةً فَالْعُمْرُ يَوْمَانِ لَنْ نَلْقَاهُ إِنْ كَمُلاَ
تَدْرِي بِدُنْيَاكَ نَحْوَ الْعُدْمِ سَائِرَةً فَكُنْ نَهَاراً وَلَيْلاً بِالطِّلاَ ثَمِلاَ
قُمْ هَاتِهَا وَرْدِيَّةً مِسْكِيَّةً وَدَاوِ مِنْ هَذَا الْفُؤَادِ الْعِلَلاَ
وَإِنْ تَرُمْ مُفَرِّحاً يَجْلُوْ الأَسَى فَأَحْضِرِ الْعُوْدَ وَيَاقُوْتَ الطِّلاَ
أَيَا مَنْ أَتَى بِي لِلْوُجُودِ بِقِدْرَةٍ وَرُبِّيْتُ فِي نَعْمَائِهِ أَتَدَلَّلُ
سَأْمْتَحِنُ الْعِصْيَانَ مَائَةَ حَجَّةٍ لأَعْلَمَ ذَنْبِي أَمْ سَمَاحُكَ أَجْزَلُ
إِشْرَبْ فَكَمْ سَتَنَامُ فِي قَعْرِ الثَّرَى يَا صَاحِ دُوْنَ حَلِيلَةٍ وَخَلِيلِ
لاَ تُفْشِ ذَا السِّرَّ الْخَفِيَّ لَدَى امْرِئٍ لَنْ تَزْهُوَ الأَزْهَارُ بَعْدَ ذُبُولِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ رَبِّيَ قَدْ شَاءَ مَا شِئْتُ فَهَلْ يُمْكِنُنِي فِعْلُهُ
فَإِنْ يَكُنْ شَاءَ صَوَاباً فَمَا شِئْتُ سِوَاهُ خَطَاءٌ كُلُّهُ
أَلْيَوْمَ مَا لَكَ فِي أَمْرِ الْغَدَاةِ يَدٌ وَلَيْسَ فِكْرُ غَدٍ إِلاَّ مِنَ الْخَبْلِ
فَاغْنَمْ بَقِيَّةَ عُمْرٍ إِنْ تَكُنْ يَقِظاً فَالْعُمْرُ يَفْنَى بِلاَ بُطْءٍ ولاَ مَهَلِ
لَمْ تَحْظَ يَا قَلْبِي بِغَيْرِ أَسىً وَمَا تَنْفَكُّ تَرْزَأُ بُكْرَةً وَأَصِيلاَ
يَا نَفْسُ فِيمَ تَخِذْتِ جِسْمِيَ مَسْكَناً إِنْ كُنْتِ عَنْهُ سَتُزْمِعِينَ رَحِيلاَ