عمر الخيام

1048 - 1131 / نيسابور

رباعيات الخيام _ حرف الباء - Poem by عمر الخيام

قَدِ انْطَوَى سِفْرُ الشَبَابِ وَاغْتَدَى رَبِيعُ أَفْرَاحِي شِتَاءً مُجْدِبا
لَهَفِي لِطَيْرٍ كَانَ يُدْعَى بِالصِبَا مَتَى أَتَى وَأَيَّ وَقْتٍ ذَهَبَا
إِلهِي قُلْ لِي مَنْ خَلا مِنْ خَطِيئَةٍ وَكَيْفَ تُرَى عَاشَ الْبَرِيءُ مِنَ الذَّنْبِ
إِذَا كُنْتَ تُجْزِي الذَّنْبَ مِنِّي بِمِثْلِهِ فَمَا الْفَرْقُ مَا بَيْنِي وَبَينَكَ يَا رَبِّي
يَا بَاقِياً رَهْنَ الرِّياءِ وَرَائِحَاً لِقَصِيرِ عَيْشِكَ فِي عَنَاءٍ مُتْعِبِ
أَتَقُولُ أَيْنَ تَرُوحُ مِنْ بَعْدِ الرَّدَى هَاتِ المُدَامَ وَأَيْنَ مَا شِئْتَ اذْهَبِ
رَأَيْتُ فِي النَوْمِ ذَا عَقْلٍ يَقُولُ أَلا لا يَجْنِيَنَّ الْفَتَى مِنْ نَوْمِهِ طَرَبَا
حَتَّى مَ تَرْقُدُ كَالمَوْتَى فَقُمْ عَجِلاً فَسَوْفَ تَهْجَعُ فِي جَوْفِ الثَّرَى حُقُبَا
غَدَوْنَا لِذِي الأَفْلاكِ أَلْعَابَ لاعِبٍ أَقُولُ مَقَالاً لَسْتُ فِيهِ بِكَاذِبِ
عَلَى نَطْعِ هَذَا الْكَوْنِ قَدْ لَعِبَتْ بِنَا وَعُدْنا لِصَنْدُوقِ الْفَنَا بِالتَّعَاقُبِ
أَوَّلُ دَفْتَرِ المَعَانِي الهَوَى وَإِنَّهُ بَيْتُ قَصِيدِ الشَّبَابْ
يَا جَاهِلاً مَعْنَى الهَوَى إِنَّمَا مَعْنَى الحَيَاةِ الْحُبُّ وَالانْجِذَابْ
إِنْ تَحْلُ لَدَى الرَّبِيعِ كَفُّ السُحْب حَدَّ الأَزْهَارِ فَابْتَدِرْ لِلشُرْبِ
فَالْيَوْم يدِي الرَّوْضَةِ تَرْتَاحُ وَمِنْ ذَرَّاتِك سَوْفَ تَزْدَهِي بِالعُشْبِ
تَزْدَادُ حَيْرَةُ عَقْلِي كلَّ دَاجِيَةٍ وَالدَّمْعُ حَوْلِيَ مِثْلَ الدُّرِّ مَسْكُوبُ
لا يَمْتَلِي جَامُ رَأْسِي مِنْ وَسَاوِسِهِ وَلَيْسَ يُمْلأُ جَامٌ وَهُوَ مَقْلُوبُ
قَدْ حَظِينَا بِالغِنَا وَالرَاحِ فِي الدَّارِ الْخَرَاب وَفَرَغْنَا مِنْ مُنَى الرَّحْمَةِ أَوْ خَوْفِ الْعِقَابْ
وَسَمَوْنَا ثَمَّ عَنْ مَاءٍ وَنَارٍ وَتُرَابْ فَالكِسَا وَالكَأْسُ وَالعَقْلُ مَعاً رَهْنُ الشَّرَابْ
أَمَا تَرَى الأَزْهَارَ فِيهَا عَبِثَتْ يَدُ الصَّبَا وَمِنْ جَمَالِهَا غَدَا الْبُلْبُلُ يَشْدُو طَرَبَا
فَبَادِرِ الزَّهْرَ وَدَعْ عَنْكَ الأَسَى وَالكُرَبَا فَهَذِهِ الأَزْهَارُ كَمْ زَهَتْ وَكَمْ عَادَتْ هَبَا
قَالَ قَوْمٌ أَطْيبَ الْحُورَ فِي الجَنَّ ةِ قُلْتُ الْمُدَامُ عِنْدِيَ أَطْيَبْ
فَاغْنَمِ النَّقْدَ وَاتْرُكِ الدَّيْنَ وَاعْلَمْ أَنَّ صَوْتَ الطُّبُولِ فِي البُعْدِ أَعْذَبْ
إِنْ تَشْرَبِ المُدَامَ أُسْبُوعاً فَلا تَدَعْ لَدَى الجُمْعَةِ قُدْساً شُرْبَهَا
أَلسَبْتُ وَالجُمْعَةُ عِنْدِي اسْتَوَيَا لا تَعْبُدِ الأَيَّامَ وَاعْبُدْ رَبَّهَا
هَذَا أَوَانُ الصَّبُوحِ وَالطَّرَبِ وَنَحْنُ وَالْحَانُ وَابْنَةُ العِنَبِ
أُصْمُتْ نَدِيمِي هَلْ ذَا مَحَلٌّ تُقىً وَاشْرَبْ وَخَلِّ الْحَدِيثَ وَاجْتَنِبِ
لَمْ أَشْرَبِ الرَّاحَ لأَجْلِ الطَّرَبِ أَوْ تَرْكِ دِينِي وَاطِّرَاحِ الأَدَبِ
رُمْتُ الحَيَاةَ دُونَ عَقْلٍ لَحْظةً فَهِمْتُ بِالسُّكْرِ لِهَذَا السَّبَبِ
لا عِشْتُ إِلاَّ بِالغَوَانِي مُغْرَماً وَعَلَى يَدِي تِبْرُ المُدَامِ الذَّائِبُ
قَالُوا سَيَقْبَلُ مِنْكَ رَبُّكَ تَوْبَةً لا اللَّهُ قَابِلُهَا وَلا أَنَا تَائِبُ
لا تَتُبْ قَطُّ عَنِ الرَّاحِ فَكَمْ تَوْبَةٍ مِنْهَا يَتُوبُ التَّائِبُ
قَدْ شَدَا الْبُلْبُلُ وَالْوَرْدُ رَهَا أَبِذَا الْوَقْتِ يَتُوبُ الشَّارِبُ ؟
نَفْسِي تَمِيلُ إِلَى الْحُمَيَّا دَائِماً وَالسَمْعُ يَهْوَى مِعْزَفاً وَرَبَابَا
إِنْ يَصْنَعُوا كُوْزاً ثَرَايَ فَلَيْتَهُمْ أَنْ يَمْلَئوهُ مَدَى الزَّمَانِ شَرَابَا
مَا خَلَقَ اللَّهُ رَاحَةً وَهَنَا إِلاَّ لِمَنْ عَاشَ مُفْرَداً عَزَبَا
مَنْ تَرَكَ الانْفِرَادَ وَاقْتَرَنَا فَقَدْ جَنَى بَعْدَ رَاحَةٍ تَعَبَا
أَتَى بِي لِهَذا الْكَونِ مُضْطَرِباً فَلم تَزِدْ لِيَ إلاَّ حَيْرَةٌ وَتَعَجُّبُ
وَعُدْتُ عَلَى كُرْهٍ وَلَمْ أَدْرِ أَنَّني لِمَاذَا أَتَيْتُ الْكَوْنَ أَوْ فِيمَ أَذْهَبُ
كُلَّ يَوْمٍ أَنْوِي الْمَتَابَ إِذَا مَا جَاءَنِي الْلَّيْلُ عَنْ كُؤُوسِ الشَّرَابِ
فَأَتَانِي فَصْلُ الزُّهُورِ وَإِنِّي فِيْهِ يَا رَبِّ تَائِبٌ عَنْ مَتَابِي
مَا زَالَ ظِلٌّ عَلَى الأَزْهَارِ لِلسُّحُب وَلَمْ يَزَلْ بِيَ مَيْلٌ لابْنَةِ الْعِنَبِ
فَلا تَنَمْ لَيْسَ ذَا وَقْتَ الْكَرَى وَأَدِرْ كَأْساً حَبِيبِي فَإِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغِبِ
لِمَاذَا غَدَاةَ الرَّبُّ رَكَّبَ هّذِهِ الْ عَنَاصِرَ لَمْ يُحْكِمْ تَنَاسُبَهَا الرَّبُّ
إِذَا رَاقَ مَبْنَاهَا فَفِيمَ خَرَابُهَا وَإِنْ لَمْ تَرُقْ مَبْنىً فَمِّمَنْ أَتَى الْعَيْبُ
وَجَامٍ يَرُوقُ الْعَقْلُ لُطْفاً وَرِقَّةً وَيَهْفُو عَلَيْهِ الْقَلْبُ مِنْ شِدَّةِ الْحُبِّ
تَفَنَّنَ خَزَّافُ الْوُجُودِ بِصُنْعِهِ وَيَكْسِرُهُ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ عَلَى التُّرْبِ
كَمْ لِلَّذِي بَسَطَ الثَرَى وَبَنَى السَّمَا مِنْ لَوْعَةٍ بِقُلُوبِنَا وَعَذَابُ
كَمْ مِنْ شِفَاهٍ كَالْعَقِيقِ وَطُرَّةٍ كَالْمِسْكِ أَوْدَعَهَا حِقَاقَ تُرَابِ
أُنْظُرْ حِسَابَكَ مَا أَتَيْتَ بِهِ وَمَا تَغْدُو بِهِ مِنْ بَعْدُ مَهْمَا تَذْهَبِ
أَتَقُولُ لا أَحْسُو الطِّلا خَوْفَ الرَّدَى سَتَمُوتُ إِنْ تَشْرَبْ وَإِنْ لَمْ تَشْرَبِ
كَمْ سِرْتُ طِفْلاً لِتَحْصِيلِ الْعُلُومِ وَكَمْ أَصْبَحْتُ بَعْدُ بِتَدْرِيسِي لَهَا طَرِبَا
فَاسْمَعْ خِتَامَ حَدِيثِي مَا بَلَغْتُ سِوَى أَنِّي بُدِئْتُ تُرَاباً ثُمَّ عُدْتُ هَبَا
أَلا ارْحَمْ يَا إِلَهِي لِيَ فُؤَاداً مِنَ الأَشْجَانِ أَمْسَى فِي عَذَابِ
وَرِجْلاً بِي سَعَتْ لِلْحَانِ قِدْماً وَكَفّاً أَمْسَكَتْ قَدَحَ الشَّرَابِ
259 Total read