آه... هذي العشية
تبتعد الأرض عني
وتبدو العصافير غير العصافير
والريح ليست كتلك التي
كنت أعرف أسمائها
ومواعيدها
... حين تبتعد الأرض
كنت بلادا مبللة
وسماء تدور عليّ بقهوتها
وتغني
الثريا رغيف
أبيض الوجه، سقف
يقي، الآن، عشاقه
رمل هذا الزمان المخيف
ثم تكمل
يا حزن هذا الجريح الذي
سوف تقتاده الريح
يجتازه الظاعنون
البلاد التي سيجت بالندى
والتي تركت
بين قمصانه
رملها الأسودا
ثم تبتعد، الآن، حتى العصافير
كيف ابتعدت
لقد كان لي بين كفيك
متسع
كان لي صبوة، تستريح
وتغني
الثريا
بلاد مهاجرة
والفرات المطرز بالبدو ريح
شربت أرضنا ماءها
وقوافلها، والسماء
تقاسم قهوتها الظاعنون
ولم يتركوا
في دمائي سوى امرأة غضة
خشنة
كالحصيرة
أومأت صوب عشاقها
لن أكون بلادا
يضئ على رملها العاشقون
وتخضر فيها الغصون المقيمة
بين الحصى والظهيرة
زمن
للعناء المباغت
يرحل فيه المحبون عن ردهات الرضا
دون أن يتركوا فسحة
للعتاب
زمن حافل بالكآبة
والفقراء، ولكن وجه 'الثريا' كتاب
سيدثر نومي بالماء
... تبتعد الأرض
لا يشتهي وحشتي طائر
أو رداء
وأسحل خلفي أغنية
من حصى الذكريات الرتيبة
إن هذا الجريح الذي
هجرته الظعون وغزلانها
ورق يتطاير
أو صبوة
في الليالي الجديبة
إن في رملة النوم قافلة
حملت من يديك النداوة والخبز
وارتحلت
في الضباب المطرز بالبدو
وجه 'الثريا' كتاب
سيدثر نومي بالماء
يوقظ في جسدي
بلدة للتسكع
مرسومة
بالندى
والتراب
آه
إذ يتسكع هذا الجريح
بلا وطن
أو عصافير
إذ يقترب من خوفه
والندى بين قمصانه وحشة
أمس غربت الريح
والغيم لملم أطرافه
أيكم قد رأى من أحب؟
وأي رأى
وردة الروح تذبل
مذ غادر الظعن مائي
وتناءت عصافيره
عن إنائي..؟
في فراشي الجريح، أرى وردة
تتساقط، والريح تخلف كل مواعيدها
غير أن الندى في ثيابي
سوف تقبل في أول البرد
تقبل إذ يخلط العشب قمصانه
بالتراب
ذاك ركن من الأرض ينأى
وتلك 'الثريا' الحزينة تغري العصافير
بالهجر، لكن في تعبي وردة
و'الثريا' سماء
لن تبدّد قهوتها
أو تخلف قمصان عشاقها
في العراء
حين تبدو العصافير
غير العصافير، واليرح غير التي
هل أظل وحيدا كعشب الخرائب؟
ما من سماء تدور عليّ بقهوتها
وأعد الحصى
كيف لي أن أظل بلا زمن يحتويني
وينشف جرحي، كيف يظل الجريح
بلا فرس
أو رداء حزين؟
حين تقترب الأرض
أدفن ثوبي في رملها
وأغني
'الثريا
الثريا
متى ستجئ
رغم هذي الليالي البطيئة
تحمل للرمل ماء
وللأرض هذا البهاء المضئ؟