عبد الغني النابلسي

1641-1730 / دمشق

بين أهل الجحود والتكذيب - Poem by عبد الغني

بين أهل الجحود والتكذيب
كل أمر من الأمور عجيب
تركوا ريبة بأهل ارتباب
واستربوا في أمر كل أريب
كثر الإفتراء منهم جهارا
ولهم فيه غاية التشبيب
وله بينهم إدارة كأس
مزجته حلاوة التقريب
كم سمعنا منهم قبيحة قذف
أوصلوها بالعار والتعييب
طعنوا بالتوهمات علينا
في أمور بدت لكل لبيب
واستخفوا بنا على سوء ظن
ثم عادوا باللوم والتأنيب
أنكروا رؤية الملاح وألغوا
بالتساوي ما بين ظبي وذيب
وأرادوا إبطال رؤية فرق
في الورى بين يابس ورطيب
كل ذا من ذا من كثافة الطبع فيهم
وقصور العقل الخبيث السليب
ولهم قبح نية في سواهم
أوصلتهم غدا إلى التعذيب
طال ما أهلك المهيمن منهم
جسدا من ضلاله في لهيب
وأكب الإله في النار نفسا
نشأت بالنفاق في تقليب
وابتلاهم ربي بكل بلاء
عل أن يرجعوا بقلب منيب
وعليهم من الرزايا توالت
ظلمات كوابل في الصبيب
فأصروا واستكبروا بنفوس
لم تخف من رب إليها قريب
لا اتعاظ ولا اعتبار بشيء
عندهم في شهادة ومغيب
وهم العمي عن سواء سبيل
لا يبالون بالبصير الرقيب
أهملوا النفس ثم في الغير هموا
بكثير التنقير والتنقيب
كلما نبهوا على الحق ناموا
عنه بالاضطرار والتغليب
بعدت شقة الكمال عليهم
فتسلوا عن ذاك بالتكذيب
قمت فيهم معلما حسب جهدي
ناصحا بين سائل ومجيب
داعيا للهدى بإخلاص قلب
وكلام فصل وصدر رحيب
حافظا مع كبيرهم وصغير
حرمات الوداد بالترحيب
فرأوني بوصفهم ورموني
بالذي فيه هم من التركيب
زعموا أن حذفهم كاشف عن
خبث أمري فاستقبحوا نفخ طيبي
قلبوني وغيروني لديهم
وعلى الناس أعجموا تعريبي
ألحدوا في صفات مدحي ومالوا
عن صوابي وأبعدوا تقريبي
فعلوا مثل فعل أهل اعتزال
في كلام المهيمن المستجيب
حيث قالوا فيه بأغراض نفس
يتقالون كل روض خصيب
جعلوه مذاهبا بعقول
دب فيها الوسواس أي دبيب
وأحالوه باطلا وهو حق
ظاهر الحكم عند كل نجيب
كل هذا وليس يخفي أذاني
بالهدى بينهم ولا تثويبي
وأنا الشمس لا تراني عيون
عميت عن جمال وجه حبيبي
فإذا رمتني فسر مثل سيرى
لا تصافح كفي بكف خضيب
كن معي لي مقلدا أو توقف
دائما لا تخض مع المستغيب
لم أكلفك أن ترى حسن حالي
في البرايا وأن تكون نسيبي
أو على النصر لي أراك مقيما
أو بدنياك أن تزيد نصيبي
إنما الجود منك جود ذباب
كف جهدا من الأذى عن لسيب
يا نفوسا يستنبطون المعاني
من قبيح الكلام بالترتيب
إن تكونوا في السوء أهل اجتهاد
أهله بين مخطئ ومصيب
وأراكم مصممين على ما فيه
أنتم بغير ما تثريب
أتساوون كل أبيض عرض
في المعالي بأسود غربيب
هب عليكم تلوح مشتبهات
أنفس القوم وهي في تهذيب
ما استطعتم بالذوق أن تفرقوا ما
بين فرث ورائق من حليب
ما نفوس قد أسلمت كنفوس
عابدات من الهوى للصليب
رب ناس لهم جسوم رجال
ونفوس خلت من التأديب
وعقول بالوهم تنقاد طوعا
للهوى والضلال قود الجنيب
من أتاهم بعلمهم جحدوه
كيف من جاءهم بعلم غريب
بادروا بالوقوع في أهل بدر
ثم أضحى وقوعهم في القليب
أنكروا الكشف في الطريق وقالوا
كل هذا تخيلات المريب
فتراهم للشر في تهوين
وتراهم للخير في تصعيب
أنطقوا كل بومة بهواهم
وأرادوا السكوت للعندليب
حاولوا يطفئون بالزور نوري
ويذلون عز قدري المهيب
فرأوا من عناية الله بي ما
أصبحوا منه في أسى ونحيب
وإلى الله قد توسلت فيهم
وعليهم رب العباد حسيبي
91 Total read