بين أهل الجحود والتكذيب
كل أمر من الأمور عجيب
تركوا ريبة بأهل ارتباب
واستربوا في أمر كل أريب
كثر الإفتراء منهم جهارا
ولهم فيه غاية التشبيب
وله بينهم إدارة كأس
مزجته حلاوة التقريب
كم سمعنا منهم قبيحة قذف
أوصلوها بالعار والتعييب
طعنوا بالتوهمات علينا
في أمور بدت لكل لبيب
واستخفوا بنا على سوء ظن
ثم عادوا باللوم والتأنيب
أنكروا رؤية الملاح وألغوا
بالتساوي ما بين ظبي وذيب
وأرادوا إبطال رؤية فرق
في الورى بين يابس ورطيب
كل ذا من ذا من كثافة الطبع فيهم
وقصور العقل الخبيث السليب
ولهم قبح نية في سواهم
أوصلتهم غدا إلى التعذيب
طال ما أهلك المهيمن منهم
جسدا من ضلاله في لهيب
وأكب الإله في النار نفسا
نشأت بالنفاق في تقليب
وابتلاهم ربي بكل بلاء
عل أن يرجعوا بقلب منيب
وعليهم من الرزايا توالت
ظلمات كوابل في الصبيب
فأصروا واستكبروا بنفوس
لم تخف من رب إليها قريب
لا اتعاظ ولا اعتبار بشيء
عندهم في شهادة ومغيب
وهم العمي عن سواء سبيل
لا يبالون بالبصير الرقيب
أهملوا النفس ثم في الغير هموا
بكثير التنقير والتنقيب
كلما نبهوا على الحق ناموا
عنه بالاضطرار والتغليب
بعدت شقة الكمال عليهم
فتسلوا عن ذاك بالتكذيب
قمت فيهم معلما حسب جهدي
ناصحا بين سائل ومجيب
داعيا للهدى بإخلاص قلب
وكلام فصل وصدر رحيب
حافظا مع كبيرهم وصغير
حرمات الوداد بالترحيب
فرأوني بوصفهم ورموني
بالذي فيه هم من التركيب
زعموا أن حذفهم كاشف عن
خبث أمري فاستقبحوا نفخ طيبي
قلبوني وغيروني لديهم
وعلى الناس أعجموا تعريبي
ألحدوا في صفات مدحي ومالوا
عن صوابي وأبعدوا تقريبي
فعلوا مثل فعل أهل اعتزال
في كلام المهيمن المستجيب
حيث قالوا فيه بأغراض نفس
يتقالون كل روض خصيب
جعلوه مذاهبا بعقول
دب فيها الوسواس أي دبيب
وأحالوه باطلا وهو حق
ظاهر الحكم عند كل نجيب
كل هذا وليس يخفي أذاني
بالهدى بينهم ولا تثويبي
وأنا الشمس لا تراني عيون
عميت عن جمال وجه حبيبي
فإذا رمتني فسر مثل سيرى
لا تصافح كفي بكف خضيب
كن معي لي مقلدا أو توقف
دائما لا تخض مع المستغيب
لم أكلفك أن ترى حسن حالي
في البرايا وأن تكون نسيبي
أو على النصر لي أراك مقيما
أو بدنياك أن تزيد نصيبي
إنما الجود منك جود ذباب
كف جهدا من الأذى عن لسيب
يا نفوسا يستنبطون المعاني
من قبيح الكلام بالترتيب
إن تكونوا في السوء أهل اجتهاد
أهله بين مخطئ ومصيب
وأراكم مصممين على ما فيه
أنتم بغير ما تثريب
أتساوون كل أبيض عرض
في المعالي بأسود غربيب
هب عليكم تلوح مشتبهات
أنفس القوم وهي في تهذيب
ما استطعتم بالذوق أن تفرقوا ما
بين فرث ورائق من حليب
ما نفوس قد أسلمت كنفوس
عابدات من الهوى للصليب
رب ناس لهم جسوم رجال
ونفوس خلت من التأديب
وعقول بالوهم تنقاد طوعا
للهوى والضلال قود الجنيب
من أتاهم بعلمهم جحدوه
كيف من جاءهم بعلم غريب
بادروا بالوقوع في أهل بدر
ثم أضحى وقوعهم في القليب
أنكروا الكشف في الطريق وقالوا
كل هذا تخيلات المريب
فتراهم للشر في تهوين
وتراهم للخير في تصعيب
أنطقوا كل بومة بهواهم
وأرادوا السكوت للعندليب
حاولوا يطفئون بالزور نوري
ويذلون عز قدري المهيب
فرأوا من عناية الله بي ما
أصبحوا منه في أسى ونحيب
وإلى الله قد توسلت فيهم
وعليهم رب العباد حسيبي