عاشور فني

1957 / الجزائر

الكروان - Poem

طائر من قديم الزمان
يحمل الشمس نحوي
ويحمل عني الأغاني
ها هو الآن يأوي إلى كتفي صامتا
فاكتبا أيها الثقلان

ليس من عادتي أن أغني
وها أنا منخرط في البكاء
ومنفرط مثل لؤلؤ صوتك عبر الفضاء
لا مزامير تمنحني في غيابك
مسبحة للقنوت
وسجّادة للدعاء
لا سبيل إلى حجر يتوسده القلب
لا كسرة من شعير
ولا ماء يرفع سقف السماء

لا سبيل إلى وردة في الجبل
ذبل الناس من حولها
فاعتراها الخجل
ليس لي أن أعود إليها
ولو فوَّضَتْني جميع الدول

لك يا طائر الأزمنة
أن تحط على كتفي صامتا
تأسر الألسنه
لك أن تنتهي صامتا
وتجنِّبني لغة الذل والمسكنه

طائر لا يحط على شجر
يخطف الأرض مني
يبدِّل أغصان قلبي
ويبني الخرائب من حجري
ويقود البساتين ضدي
ويسرق كل الأغاريد من عمري

لك يا طائر الأرض أن تضع الأرض حيث تشاء
وتدل الرياح على جهة لا ترى
وتدل النهار على منبع للضياء
وتدل الشعوب على حجر لا يكذبه أحد
وتدل الممالك والأنبياء
لك أن تترك الأفق لي
وتطير إلى جهة لم تطر نحوها مرةً
لم تطر مرة للوراء
لك أن تستريح على حجر بارد في المدى
وتضرب ذاكرتي بالغناء

لك يا طائري خصلتان
أن تجيء بلا سبب
وتغني بغير أوان
من رماك إذن نحو أندلسي
وغبار ملائكة الله يذهب في الأرجوان
والعرائس يخرجن من دمهن
ويدخلن في دم عشاقهن
يعطرن سوسنة الوقت بالمسك
والزعفران
ويهيئن للقلب أرصفة
وشموساً
ويفتحن بوابة الهند
والقيروان
ليس من عادة الأقحوان
أن يجيء إلى غرسه حافياً
وعلى قبره شمعدان
ويدان له
وعليه يدان

لك يا طائراً لا ينام
أن تحط على كتفي صامتاً
وتحركني في المنام
وإذا سكتت نبضتي
فعسى تتحرك مني العظام
151 Total read