تزرعُني الأمكنةُ في أزمنةٍ لاحَصر لها
منذ بَدءِ الولادات
تقتاتني العصافيرُ فأعرفُ الطيرانَ
في أبجديةِ الكون
يالأجنحةِ الزئبق عند سَمْتِ الروح
مَجّدْني قبلَ انبلاجِ الرّماد
قبلَ أن أدخلَ تابوتي
وأرتقي خطوتي ـ الرُمح
مدرعةً بأسيجةِ النباتِ ولهاثِ الحجر
تعال نغادرُ زَنك الأشياء... غبارَ الأمكنة
مقاطعَ الزمن
تعال نغلقُ جَمرة الروح
لنستعيدَ عناصرَنا البضَّة وأشكالَنا
انتكاساتِنا وأمجادَنا
في رُكام حيواتٍ لاحَصر لها
لنرقمَّ عبورَنا من الرماد إلى الرماد
أواعدُ كلَّ الأزمنة
لحظةَ عُبورِ جسدينا
أَحْضُرُ ولائمَ السِّرِ وطُوفانَ المجرّات
أستكملكَ دون شكلٍ أو خطوطٍ أو زوايا
يزدوجُ فيكَ انحلالي
يتكسّرُ ماؤنا
تتشابكُ جزيئاتُنا الضوئية
نتداخلُ
خرافتين في الإدغام
كقفازينِ مقلوبين
ندخلُ محفلَ الرماد
حيث حديقةٌ صغيرةٌ وحشية
تنمو ببطء
في المسافةِ الفاصلةِ بين ما تبقّى من ظلّينا
نلتقي عند رمادِ الكون
نغادر قوالب الجَصّ
نترك مَتاعنا في سريرِ النهر
نغلقُ رئتنا برتاجٍ من الزئبق
نعبُرُ ماءَنا
وآثارُ خطواتِنا
على غبارِ المسافاتِ بين ظلّينا
ننهمرُ في أحشاءِ النجوم
وحيثُ ترفرفُ أذرعُ المجرّات
لدينا ما يكفي للحلولِ في النور
لدينا صهيلُنا الأشهب
جسدُنا وإشعاعُنا
لدينا رئةُ البحر
وارتعاشةُ حوافِ العُمر
لدينا موتُنا الجميل
ومواقيتُ التأمّل
نرصُدُ أبجدياتِ الخلايا
في مستحاثاتِ الضوء
نعبُرُ الجسد
ونلتقي عند رمادِ الكون