حملتُ الأنا الصغيرة وصعدتُ مراتبَ الجذور
مهووسةً بارتفاعِ البحر وتمنّعِ السَّديم
حملتُ الأنا الصغيرة وتسلقتُ عموديَ الفقري
حتى اعتزلَ جسدي منصِبَه في الهواء
وعندَ ظِفرِ الأفعى
ازدحمتُ مع ذاتي وتكوَّمتُ في رَحمي
انسلختُ عن شوكتي... ودخلتُ فضائي
تاركةً صولجاني متوازياً مع جسدِك ـ الرمادِ الأوليّ
وعند التقاءِ إبهاميك
تركتُ قفازاتيَ الكَهلة
أفتقرُ إلى الأفلاكِ وأجدُها في مستحاثاتكَ النبيلة
أفرحُ بضوئكَ الذي يستولي على مطالعِ البروج
أنتظرُ تكهناتِكَ الغضّة
وأرتدُّ إلى جوارِك ـ الرماد... كظهيرةِ الصحراء
أنصتُ إلى الهواءِ الشاغر
إلى توحدِّ 'الآن' والـ 'هنا' الحميم
تماثلٌ مع الذات.. تماثلٌ مع الرماد
حيثُ الولوج إلى الثنائية
يحضن دون تبرير الذرّةَ الواحدة
تحملني أصواتُ رمالِكَ النّهرية
تعيدُ تصديري إلى نفسي
حيث تتلاشى الأوهامُ والحقائقُ القاحلة
والحقائقُ العظيمة
حيث تتلاشى
الحقائقُ الأخّاذةُ والحقائقُ الخديجة
وأعرفُ
أعرفُ الآن
أعرفُ هنا
أعرفُ الانتماءَ للحَدْسِ المطلق
واستحالةَ البراهين
يا لجمالِ اللاشيء
اللاشيء ... دون إشراقٍ أو تأمّل
الليلة أتركُ انهيارَ الحواراتِ المقطوعة
أراوغُ وهمَ التّجلياتِ والإشراقات
الأوصافَ والكلمات
أدخلُ تابوتي
أنحدرُ إلى نقطتي ـ النطفةِ الأصلية
الليلة أتركُ انهيارَ الحواراتِ المقطوعة
حيث تتوهجُ الكائناتُ وتنطفئ
حيث البراهينُ تستنبطُ نقيضَها
ليس من أرواحٍ ميتةٍ ولا أرواحٍ حيّة
ها أنتِ ذي هنا
تلمسين جسدَكِ الحُلْم
وتستعرضينَ لحظةً بلا وريث
دون أفكارٍ أو ذكريات
دون طوطم أو طقوس
هاأنتِ ذي هنا
الطائراتُ الورقيةُ تحشو رأسي
ثم تجتازُه لتتركَ فراغاً عذباً
ـ أعجزُ أن أحتاجَ لشيء
دورة الكوكبِ تكتملُ في القلب
لم أَصِلْ بعدُ إلى لمسِ جسدي
أغبطُ الصخورَ على اللحظةِ المشعّة التي تُمضيها
دون أفكار
دون أفكارٍ سعيدةٍ أو حزينة
دون غاياتٍ متعارضةٍ أو مناسبة
عندما صار للذبابة أمامي حياةٌ مدهشة
وفائضةٌ دون استدلالٍ أو براهين
عرفتُ شبيهيَ المعاكس
ولمستُ الكون
تبلورتُ كوشيعةٍ تخترقها الأفكارُ والرغبات
دون أن تستهلِكَها... دون أن تتركَ أثراً فيها
وأخذتُ أجتازُ الفصولَ الأخيرةَ بسرعةِ البرق
فصولاً لامسمّاة
أجتازُ المطلق
لأكونَ 'هنا' في الـ 'الآن'
حيثُ أرفعُ السماءَ برأسي
وأدفعُ الأرضَ بركبتيّ